مثلما أثر انتشار وباء كوفيد19 على مجالات حياة الإنسان الصحية والاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والنفسية، فهناك انعكاسات سلبية رافقت مراحل انتشاره وشملت تفاصيل الحياة الأسرية والزوجية، وأثرت بشكل مباشر على المشاعر الإنسانية وعلاقة الحياة الزوجية والمشاعر العاطفية بين الأزواج، بحكم طبيعة تركيبة الإنسان البيولوجية بأنه يؤثر ويتأثر بالمتغيرات التي تحيطه به وتحصل من حوله وتؤثر عليه، فضلاً عن الحالة النفسية التي يعيشها الفرد في المجتمع، من جراء تهويل وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي عليه في ضخ ونشر كم هائل من الأخبار الزائفة والمعلومات الخاطئة، كما أنها تقدم في بعض الأحيان معلومات مفبركة أو أنصاف حقائق، تؤدي إلى التضخيم حتى ولو أنها حقائق هدفها نشر الذعر، وتهوين في نقل تفاصيل المعلومات التي تفيده في كيفية اتباع الأساليب الصحية السليمة للتعامل مع أفراد الأسرة وممارسة الحياة الزوجية وطرائق الوقاية التي تفيد في الحد من نقل الوباء وانتشاره بين الزوجين.
وتعتمد الحالة النفسية للإنسان على أفكاره التي يطلقها عقله وعلى الأفكار المحيطة بمن حوله من العالم الخارجي الذي تصل إليه، فتجعله يشعر بالضيق والتوتر عندما يظل طيلة اليوم جالس في المنزل بجانب زوجته، ويشعر بعدم السعادة والرضا والتذمر والشكوى والتعاسة والكأبة بسبب سيطرة الأفكار السلبية عليه، ولذلك يمكن أن تتغير نظرة الزوج لزوجته بسبب المتغيرات الحاصلة في محيطه والجو العام الكئيب السائد الذي ينعكس عليه، ولا يستطيع التخلص من المشاعر السلبية والنظر للزوجة بعلاقة ودية، يمكن أن تكون بسبب الجلوس مع الزوجة لساعات طويلة في المنزل وفي غرفة النوم ، وكثرة التفكير والشعور بالفراغ وعدم الأمان والإحباط والحزن على ما وصلت إليه حالات المجتمعات في دول العالم من جراء انتشار الوباء وتأثيراته المختلفة، وبالمقابل يمكن أن تنطبق الحالة نفسها على نظرة الزوجة للزوج بسبب كثرة التعرض لوسائل الاتصال، وما تنقله من أخبار ومعلومات على مدى أربعة وعشرين ساعة، والتقارير الواردة بين الحين والآخر عن ظاهرة انتشار الوباء، وتكون قوة التأثير أعمق على الحياة الزوجية إذا كان الزوج ممن فقدوا وظائفهم أو تدنى مصدر دخلهم أو أنه ممن يمارسوا عملهم اليومي من داخل المنزل باستخدام التقنيات الإلكترونية، وهذه التقنيات لها انعكاسات سلبية على حالة الإنسان النفسية، بحكم أنه صار يتعامل مع أجهزة جافة المشاعر والأحاسيس بدلاً عن جمهوره من البشر، وهذا ما يحصل معنا من خلال التعليم الإلكتروني عن بعد.
وركز الإعلام بشكل كبير على تغطية تداعيات الوباء ومتغيرات انتشاره، ولكنه بالمقابل همش تفاصيل الانعكاسات السلبية للوباء وتأثيره على تفاصيل الحياة الأسرية والزوجية، والكيفية التي يتم تطبيقها في العلاقات الزوجية، وبسبب تبعات الوباء يمكن أن تسيطر على الزوج المشاعر السلبية في معالم الحب والحنان والعاطفة، ومثل هذه الأفكار تزيد من حدة الخلافات الزوجية، مما يعني أنها تنعكس بدورها على مجريات الحياة الزوجية، وفتور في المشاعر والعواطف والأحاسيس الجياشة، وتدني الثقة في العلاقات الزوجية، لأن علماء النفس يؤكدون على أن الاستقرار النفسي ينعكس بدوره على طبيعة الأمور العاطفية، وهذه المؤثرات السلبية تخلق خلافات مستمرة بين الزوجين، وتنغص مسيرة الحياة الزوجية المستقرة، ويمكن أن تتطور الحالة إلى مرحلة الانفصال والطلاق. فالمشاعر السلبية تؤدي إلى الفشل والتفكير الإيجابي يؤدي إلى استمرار الحياة والنجاح والتفوق، وما أعظم أن يأتي النجاح ويبرز خلال مدة المعاناة.