يتردد كثيراً علي أسماعنا عبارة السلطة الرابعة (Fourth Estate) ، وتطلق على وسائل الإعلام عمومًا وعلى الصحافة بشكل خاص ، وربما يتساءل البعض ، كيف يكون الإعلام سلطة ؟ ، ولماذا يأخذ تسلسل رابع ؟.
” في السابق عُرفت الصحافة بلقب ” صاحبة الجلالة ، أما مصطلح السلطة الرابعة ، فتعود نشأته إلى بداية بزوغ فجر الأنظمة الديموقراطيّة ، في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، عندما قال المفكّر البريطاني “أدموند بروك” في إحدى جلسات مجلس البرلمان البريطاني : “هناك ثلاث سلطاتٍ تجتمع هنا تحت سقف البرلمان ، لكن في قاعة المراسلين تجلس السلطة الرابعة وهي أهمّ منكم جميعاً” .
وهنا مصدر آخر يشير إلى أن مفهوم السلطة الرابعة كان من خلال المؤرخ الاسكتلندي توماس كارليل ” وذلك من خلال كتابه ( الأبطال وعبادة البطل 1841) ، حين اقتبس عبارات للمفكر الإيرلندي إدموند بيرك أشار فيها الأخير إلى الأحزاب الثلاثة (أو الطبقات) التي تحكم البلاد ذلك الوقت، رجال الدين والنبلاء والعوام، قائلًا: إن المراسلين الصحفيين هم الحزب الرابع – السلطة الرابعة – الأكثر تأثيرًا من كافة الأحزاب الأخرى.(2)
وعلى الرغم من تصور الكثير أن المقصود بالسلطة الرابعة هي الصحافة ، لوجود سلطات ثلاث تسبقها وهي التشريعية والقضائية والتنفيذية ، ” إلا أن السلطة المعنية في المصطلح، تبعًا لمن أطلقه أول مرة، هي القوة التي تؤثر في الشعب وتعادل ، أو تفوق، قوة الحكومة ” .
لكن مع ذلك وفي ظل وجود تلك السلطات في كل دول العالم بشكل عام في الوقت الحاضر، فلا ضير من التسليم بأن الإعلام والصحافة هما السلطة التي تليها أي الرابعة، وبلا شك الإعلام تحديداً ، بسبب التوسع والتنوع والابتكار في مضامينه ، ولكون الصحافة من فروعه وواجهاته .
لقد مضى أكثر من قرن على هذه التوصيفات ، فهل يصح الإبقاء على دور ومكانة الإعلام والصحافة كسلطة رابعة ، ونحن نعيش عصر المعرفة ، في ضوء الانفجار التكنولوجي الهائل لوسائل الاعلام والاتصال والإعلام الرقمي ، وبرامج التواصل الاجتماعي في العالم ، ووسائل الاتصال الجماهيري بشكل خاص ، حيث ينعكس كل ذلك على مدى التاثير المؤدلج والتفعيل الممنهج في الرأي العام والحكومات.
كما أن الإعلام قد ساد وهيمن وتخطى السياسة ، وسحب البساط من تحت أرجل الساسة والمتنفذين ، وكل القوى الفاعلة والمؤثرة في المجتمعات بالعالم ، وما انفك يتحكم في إدارة الأزمات ، وتحديد ماهية الموقف الذي سيكون عليه الرأي العام والعالم ، وبات يرسم السياسات ويضع الخطط الاستراتيجية للدول ، ويقارب ما بين الحضارات والأديان ، ويصنع السلام بفاعلية ، وأرى أنه أٓن الأوان لترقيته إلى سلطة متقدمة عن ماهو عليه الآن.