لاشك أن التطور العلمي والتقني والتكنولجي الذي شهده العالم في السنوات الأخيرة أضفى طابعاً جديداً على حياة البشر بمختلف الأعمار والفئات ،وأصبح الفضاء الالكتروني أبرز مظاهر الحياة وعنوانها بل جعلتهم يتخذونه كنمط في الحياة سواء في التعامل أو التعايش أو التواصل وغيرها من مظاهر السلوك الأخرى ،وكان للأطفال نصيب من ذلك الأمر بل ربما يكون أكثر من تأثر بنمط الحياة الجديدة.وبعد أن كانوا يمارسون أنواع الألعاب في الهواء الطلق أصبحوا اليوم مطوقين بين أربع جدران لممارسة هواياتهم وألعابهم بسبب انتشار الألعاب الالكترونية وبروزها بشكل كبير في الساحة التقنية، الأمر الذي جذبهم إلى إمضاء ساعات طويلة من أجل التسلية بتلك الألعاب والتي لبعضها فوائد جمة وكبيرة لمساهمتها في تنمية القدرات العقلية للأطفال وتدفعهم إلى التفكير وإيجاد الحلول وتدربهم على اتخاذ القرارات السريعة ،لكنها في الجانب الآخر أو الوجه الآخر لها مضار سلبية كبيرة سواء في الجانب الصحي أو الدراسي أو الاجتماعي أو الأخلاقي وغيرها من الجوانب الأخرى التي تتعلق بالسلوك ونفسية الطفل لاسيما الألعاب التي تدعوا للعنف والحروب والقتال والتي يروج بعضها إلى عادات أخلاقية سيئة من أجل نشر ثقافات وأفكار معينة تكون ورائها أيد خبيثة لتلويث المجتمعات من خلال زرع تلك العادات في عقول أولئك الأطفال ،كما أن تلك الألعاب تساهم في حدوث أمراض عدة للأطفال منها الكآبة أو ضعف البصر لاسيما وأنهم يمضون ساعات طويلة في ممارسة تلك الألعاب وبخاصة خلال هذه الأيام التي بقي فيها الناس في بيوتهم بسبب إجراءات الحظر نتيجة لانتشار وباء كورونا (كوفيد 19)،إذ إنهم يعدون ممارسة تلك الألعاب متنفساً لهم ولايعلمون مضارها في المستقبل .كما تساهم تلك الألعاب والاندماج معها بانقطاع صلات الود والتقارب العائلي والأسري ،إذ غالباً ما ترى الطفل شارد الذهن وكل تفكيره وهمه هو العودة لممارسة تلك اللعبة التي أصبح مدمن لها ،تلك الأمور تؤدي بشكل كبير إلى أمراض صحية على الأطفال منها مرض (السمنة)وذلك لقلة الحركة وأيضا الخمول والتعب والإرهاق نتيجة السهر المستمر ،فضلاً عن ذلك فإن تلك الأمور بمجملها تهدد أطفالنا بضعف المستوى العلمي والدراسي وعدم مراجعة الواجبات أو القراءة في المنزل بسبب الشوق دائماً والإدمان لممارسة تلك الألعاب .
وعلى الرغم من أن بعض الألعاب لها آاثار إيجابية على الأطفال لكن مانراه اليوم أمر في غاية الخطورة والتي سيكون لها وقع كبير على المجتمع في المستقبل يؤدي إلى انتشار عادات وأفكار وتوجهات وسلوكيات لم تكن مألوفة في مجتمعاتنا سابقاً ،ولذا يبقى الرهان على الإجراءات التي يمكن أن تتخذ للحد من تلك الظاهرة الخطيرة ومعالجتها قبل فوات الأوان لننعم بجيل معافى …جيل منتج…جيل متسامح…جيل اجتماعي بكل ماتحمله الكلمة من معنى لاجيل يعيش مع عالم افتراضي غير واقعي .