هل تتغيّر عندما تتجاوز الثلاثين أو الأربعين أو الخمسين…
“نعم أنا أتغيّر”، هذا ما قاله لي صديق شارف على السبعين، فسألتُه: ما الذي تغير لديك؟ فأرسل لي هذه الأسطر يقول:
نعم، أنا أتغير…فبعد أن كنتُ أحبّ والديّ وأشقائي وزوجتي وأولادي وأصدقائي فقط، بدأت الآن أحب نفسي معهم !
نعم، أنا أتغيّر.
فقد أدركت للتوّ أنني لست مثل “أطلس” في أساطير اليونان، والعالم لا يقف على ظهري !
نعم، أنا أتغيّر.لقد توقفتُ منذ مدّة عن مساومة بائع الفواكه والخضار، فبالنهاية، لن تزيدني بعض القروش غنىً، لكنها قد تساعد ذلك البائع المسكين على توفير مستلزمات المدرسة لأبنائه !
نعم، أنا أتغيّر.صرتُ أدفع لسائق سيارة الأجرة من دون انتظار الباقي. فقد تضع المبالغ الإضافية ابتسامة على وجهه. على أيّ حال إنه يكدّ من أجل لقمة العيش أكثر مما أفعل أنا اليوم !
نعم، أنا أتغيّر.لقد تعلمتُ عدم انتقاد الناس حتى عندما أدرك أنهم على خطأ. فبالتالي لم يعد يهمّني إصلاح الناس وجعل الجميع مثاليين. إن السلام مع الكل أفضل من الكمال الوهمي !
نعم، أنا أتغير.صرتُ أمارس فن المجاملات بسخاء وحرية بلا نفاق. إذ تعلمت بالخبرة أن ذلك يُحسّن المزاجَ ليس فقط لمن يتلقى المجاملة، ولكن خصوصاً بالنسبة لي أيضاً.
نعم، أنا أتغير.تعلمتُ ألا أنزعج عن تجعّد يحدث على قميصي أو اتساخ فيه. فبالتالي إن قوة الشخصية أهم بكثير من المظاهر !
نعم، أنا أتغير.صرتُ أبتعد بهدوء من الناس الذين لا يقدروني. فبالتالي قد لا يعرفون قيمتي، لكنني أنا أعرف جيداً من أنا ! وأصبحت لا أهتم لمن يخذلني فأنا أعلم أن الله يصرفهم عني لأنهم لا يستحقون أن يكونوا في دائرة أهل الفضل بل وإنهم طردوا من باب الإحسان وتولوا معرضين .
نعم، أنا أتغيّر.لقد صرت بارداً كالثلج عندما أواجه أحدهم يستفزني بعدوانية كي يدخلني في جدل عقيم على أي حال، في النهاية، لن يبقى من كل الجدالات شيء، وأنا لم أعد أتحمل.
نعم، لقد تغيرت. إنني أعمل كل ما يجعلني أشعر بالسعادة. وأن أستمتع بحياتي .. فالعمر يمضي.. وأولادي جزء من حياتي وليس كل حياتي.. وأن أستمتع بعلاقتي مع الله…وأكثر من طاعاتي.. فبعد موتي.. كم من سيذكروني؟ ولمتى؟؟
وبالتالي فهمتُ بأنني أنا المسؤول عن سعادتي في الدنيا والآخرة…