في شأن المرض تطرأ أسئلة كثيرة على أذهاننا مثل :
ما مصدر المرض؟
لماذا ينتشر المرض ؟
هل المرض يتطور؟
هل للمرض علاج نهائي ؟
وفي السطور التالية إجابات على الأسئلة السابقة ……
يرجع مصدر المرض إلى الله عز وجل،هو الذي خلقه ،وجعله جزء أصيل من البيئة التي يعيش فيها الإنسان . وينتشر المرض بسبب الممارسات الخاطئة للإنسان تجاه نفسه وتجاه جسده وتجاه غيره، وتجاه البيئة التي يعيش فيها .ومما لا شك فيه أن المرض يتطور ويتغير ويعدل من خصائصه بما يتوافق والتغيرات البيئية من جانب والتغيرات الجسمية للإنسان من جانب آخر،ونلاحظ هذا بوضوح في الفيروسات والبكتريا والفطريات.وهذا التغير ليس بالمستغرب أو الجديد على كائن حي كالمرض،لأن التغير من خصائص الكائنات الحية، فالجينات-على سبيل المثال- في الإنسان والحيوان والنبات تتغير مع تغير الخصائص البيئية،ويعد التلوث أحد العوامل الفاعلة في إحداث تلك التغيرات .
وعلى الرغم مما حققه البشر من نجاحات علمية،وثورات صناعية،وقفزات تكنولوجية ومعلوماتية،يظل المرض هو التحدي الحقيقي الذي لا ينتهي،ولا يوجد له علاج نهائي.
كل ما يوجد محاولات للحفاظ عى السلامة الجسمية ومنها العلاجية(الطب الرسمي وغير الرسمي) للتقليل من مضاعفات الأمراض على الجسم،ومنها الإجراءات الاحترازيه والوقائية للحد من انتشار الأمراض بين البشر.وقد أفلحت في الحد من انتشار الأمراض وبالأخص الأمراض الوبائية.ولكن حتى الآن لم تختفي الأمراض،ولم يأتي اليوم الذي نرى فيه إغلاق المستشفيات والعيادات وشركات الأدوية والمعامل،نظراً لإنتهاء المرض من على الأرض.
والأعمق مما سبق أن المجتمع الدولي قبل انتشار جائحة كورونا،كان يشكو ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض كالسكر والسرطانات،هذا في الوقت الذي كانت فيه الدول العظمى في العالم (انجلترا وألمانيا وأمريكا)تدعم وبمليارات الدولارات أبحاث البيولوجيا الجزيئية وعلم الجينوم، وكانوا قد بلغوا مستويات كبيرة في تطبيقات المعارف الجينية مثل تأسيس شركات للعلاج الجيني وشركات لاستخراج بطاقات الهوية الجينية وشركات لبناء بنوك جينية للدول والقبائل،وكنا نحن المتخصصون في علم الاجتماع نتابع بشغف المصاحبات الاجتماعية لتطبيق المعارف الجينية في تلك المجتمعات،وكنا نجري البحوث لنقيس استجابات المواطنين نحو تلك التطبيقات وندرس الوعي بتلك التطبيقات حتى بلغنا من البحث رصيد معرفي للإعلان عن تأسيس علم اجتماع الجينوم،حيث العصر الجديد الذي تقل فيه الأمراض بصفة عامة والأمراض الوراثية منها بصفة خاصة. بل كنا نرى أن عصر المعارف الجينية هو الحاضر والمستقبل،حيث تكمن القوة في امتلاك تقنيات معالجة الجين تكنولوجياً، وبتنا نعلنها بأننا في عصر إنتقاء الجين بلا أمراض وبلا تشوهات .
وفي الوقت الذي كان العلماء في الدول العظمى يقبعون في معاملهم على بحث أدق جزء في الخلية البشرية وهو الجين محاولين التوصل للمزيد من المعارف لسبل إنتقاء وتكنجة وفرمتة ومكيجة الجين وبناء منظومة معارف جديدة ستكسب الدول العظمى المزيد من القوة والسيادة الدولية. فجأة ظهر ما لم يكن في الحسبان،هذا الكائن الحي الدقيق وأصغر جنود الله في البيئة فيروس كورونا “كوفيد-19” يأتي متحدياً الدول في تقدمها ،والعلماء في علمهم ،والبشر في سلوكهم . ويعلن في ثبات أن عصر الأوبئة لم ينتهي بعد وأن المرض أصيل في البيئة. وخاض هذا الفيروس”كورونا”معركة شرسة تنتهي بهزيمة دول كانت تخطط لنيل المزيد من الهيمنة على البشر وبداية دول ستستفيد من الأزمة ونجاح دول ثالثة في الحد من تفاقم الجائحة .
-عزيزي القارئ-
سافرت بين سطور المقال من الماضي إلى الحاضر وكنت ترى ما بلغته الدول العظمى من تقدم وهيمنه علمية وما كان سيصاحبها من سيادة عالمية. ووقف قلبك خوفاً عندما ذكرت “جائحة كورونا”وصمت عقلك فكراً من غموض الغد وما قد ينتظرك وأسرتك وبلدك من تحولات تعجز أعتى الدول عن التكهن بها في الوقت الراهن. كل ما يمكن الوثوق به أننا نسير في نفق مظلم،ينيره الإيمان بالله ثم المحاولات العلمية في الوصول إلى لقاح ضد “كوفيد-19”
وأخيرا…
لقد جاء كورونا ليؤكد على ما سبق وذكرناه في بداية المقال بأن المرض أصيل في البيئة وأن انتشاره يرجع إلى سلوك البشر،وكذلك يرجع انحساره إلى سلوك البشر،وأن الدول مهما بلغت من علم وتقدم فهي ضعيفة أمام قدرة الله عز وجل (وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) صدق الله العظيم
آية (85) سورة الإسراء
أ.د/ علا عبد المنعم الزيات
أستاذ علم الاجتماع الطبي- كلية الآداب-جامعة المنوفية