هب الذعر والرعب بالقلوب…تزاحمت الأفكار بالعقول …تربطت اليدان…أحبطت الهمم… ضجيج…تشتت … قلق… توتر …يتخبطون في كل مكان …يخافون من فيروس حتى أنه لا يرى بالعين المجردة…
أَلَا ينظرون أَفلَا يتفكرو …الموت واحد والرب واحد….والعقاب من الله الواحد …ولا يقرره أحد…كورونا…هل هو عقاب أم ابتلاء !!؟!؟
أم ليس له من الوجود مكان؟!؟
نرى الموت من حولنا كل يوم …هذا حادث سير وذلك مرض عضال وآخر بماسٍ كهربي وآخر جلطة ووو …هو موجود لكن الفرق دخول الذعر بالقلوب وذهاب السكينة…وانتشار السلبية في كل مكان…
قال تعالى:
“هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ “الفتح /4. {هُوَ } إلى من تعود …إلى الله جل وعلا …فمن ينزل السكنية؟ وعلى من؟ ” فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ” الفتح/26. وقوله تعالى :” ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ” التوبة/26. وقوله تعالى ” فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ” الفتح/18 {فَعَلِمَ} ، إلى من تعود إلى الله جل وعلا …فمن يعلم بالقلوب وينزل السكنية؟ السكينة هي الطمأنينة التي يلقيها الله في قلوب عباده ، فتبعث على السكون والوقار ، وتثبت القلب عند المخاوف ، فلا تزلزله الفتن ، والأوبئة ولا تؤثر فيه المحن ، بل يزداد إيمانًا وثقةً ويقينًا …
الإيمان واليقين بالله هما أساس السكينة، وخير مثال رسول صلى الله عليه وسلم عندما ذكر الله وكان على يقين وثقة بأنه دائمًا مع عباده المؤمنين في قوله تعالى : ” إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ” التوبة(40) إنه الرابط بينهم جميعًا “الإيمان بالله” كما في قوله تعالى” الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ” (28)الرعد، كما ربط الله الإيمان بمن يتوكل عليه كما في قوله تعالى:” وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ”
آمِنُوا بالله واطمئنوا …حكموا عقولكم ولا تجعلوا للشيطان منفذًا في حياتكم فمن كان توكله صحيحًا أخذ بالأسباب، كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام للذي سأله: يا رسول الله أعقلها -أي الناقة- وأتوكل، أو أطلقها وأتوكل؟! قال: اعقلها وتوكل. رواه الترمذي وحسنه الألباني. وقد أشار عليه السلام إلى أهم الطرق للوقاية من الأمراض وقال ” لا ضرر ولا ضرار” حديث حسن و”لا عدوى ولا طيرة” رواه البخاري وأمر بالطهارة والنظافة، والمحافظة على البيئة وكان” إذا عطس غطى وجهه بيديه أو بثوبه وغض بها صوته” حسن صحيح وقال في حديثه: ” اتقوا الذر – هو الغبار- فإن فيه النسمة” رواه مسلم وفي وحديثه :” نهى أن يتنفس في الإناء أو ينفخ فيه” رواه البخاري ومسلم كما قال في انتشار الأمراض والأوبئة المُعْدِية: ” أَنَّه كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، إِلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ” رواه البخاري ، وقال الشافعي “لَمْ أَرَ أَنْفَعَ لِلْوَبَاءِ مِنَ التَّسْبِيح”. وأيضًا التحصين بقول “تحصنت بذي العزة، واعتصمت برب الملكوت، وتوكلت على الحي الذي لا يموت اللهم اصرف عنا الوباء، بلطفك يا لطيف، إنك على كل شيء قدير”
اتركوا أنفسكم برعايته وحفظه { فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (64) يوسف ، ولن يصيبكم إلا ما كتب الله لكم ، ولا تلقوا اللوم واتركوا العباد لمن خلقها وابدأوا بأنفسكم وقيموها، جددوا قلوبكم وإيمانكم… وتقربوا من الله فالبداية منكم أنتم ، وأنتم الأساس فإذا صلحتم أصلحتم من حولكم ورضى الله عنكم وتفاءلوا بقول رسول الله :” إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ”، وَفِي لَفْظٍ: “إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ شِفَاءً، أَوْ دَوَاءً، إِلَّا دَاءً وَاحِدًا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هُوَ؟ قَالَ: الْهَرَمُ” صَحِيحٌ. أسأل الله إِيمَانَاً يُبَاشر قلوبِنا، ويقينًا صادقًا حتى نعلم أَنَّه لا يصِيبنِا إِلاَّ ما كتب لنا وأن يحفظنا باسمه السلام القدوس، ويصرف عنا الوباء والمرض والشر وسائر البلاد والعباد أمين.
د. ناريمان عطية – الإستشارية في العلاقات الأسرية والسلوك