الحوار الهادئ، والتواصل الراقي بين الأفراد والمجتمعات، والعلاقات بين الدول والأمم، والمصداقية والإخلاص في الأعمال والمعاملات، والنداء بالصدق في الأقوال والأفعال، والشفافية في الأداء الوظيفي، وتنظيم الحياة على أسس تمنع الخلاف وتنبذ المعاداة، وسير المجتمع وفق متطلبات الرفاهية والسعادة، والحض على الصناعة والتطور، وفتح آفاق التدبر والتفكر…إلخ.
ذلك ضمن منظومة رائدة تشكل الخطوط العريضة للعلم الشرعيّ، الذي يتحمل أعباءه كليات الشريعة في جامعاتنا، لتتخرج أجيال تحمل مشاعل النور إلى العالم، وتعطي صورة نقية عن الإسلام.
ويتبوأ التعليم الشرعيّ مكانة عليّةً، امتدادًا للعلم الذي تحمل طياتُه اهتمامًا بالغا بنشر الخير بين البشـر، فالعلم داعٍ للعمل: )وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ( (التوبة:105). وداعٍ إلى مزيد العلم، فكلما أدركنا قطرةً دعانا إلى بحر عميق: )وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا( (الإسراء: 85).
وفي زماننا.. التعليم الشرعيّ للأمن والأمان صنوان، وللسلم والسلامة عنوان، وأغصانه ظلال وارفة من شجرة باسقة، تعود على من رماها بثمار يانعة، وتنثرالورودَ لمن يرشقها بالحجارة، فحقيق علينا إنصافُ التعليم الشرعيّ والقائمين عليه، بمعرفةُ حقِّه وحقِّهم، كأقوى مدرسةٍ تراثيةٍ إنسانية قائمة، عبرَ التاريخ.
ومعلِّمو الناسِ الخيرَ، يدعو لهم الطيرُ في السماء، والحوت في البحر. ومدرسة العلوم الشرعية في كل مكان وزمان، نورٌ يزداد نورًا، لأنها تزرع الفأل والأمل، وتمنع الإحباط واليأس، ومناهجها بفكر إسلاميّ لا غلوّ فيه ولا تطرف، بل تحصينًا لبناء مجتمعيّ بكافة أطيافه، بسياسة التوازن في الخطاب الدينيّ، بين متطلبات الروح والجسد: )الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا( (الكهف: 46).
ويسمو التعليم الشرعيّ في جامعاتنا، كنهرٍ علميٍّ واسعٍ، يطرق بابه الحيارى ليجدوا ملجأً من ضغوطات حياة الوهم، ومكابدة الضغائن، لتستقيم مسيرة العطاء لحياة أمثل. وتحقيقا لرسالة سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، القائمة على الرحمة: )وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ( (الأنبياء: 107).
والعلوم الشرعية بالحجة والبرهان، ووضوح البيان، دونما تعنت ولا جدال… هكذا تعلمنا من جامعاتنا الغرّاء، ونُعَلِّم كما تعلمنا، ولا نقول إلا بما علمنا )وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا( (سورة النساء:79). والإنصاف عدلٌ، والإجحاف ظلم، ومحبة الناس للناس واجبٌ.