المعايير الشرعية التي وضعتها هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (AAOIFI)، عبارة عن مرشد لكيفية التعامل بالمال، والمال هو عصب الحياة الإقتصادية سواء بالنسبة للفرد أو الشركات الهادفة للربح وغير الهادفة للربح، أوالحكومات، فإذا تمت إدارته بالطريقة الشرعية صلح وانتفع به، واذا تمت إدارته خارج الإطار الشرعي فسد وكان وبال على المجتمع. واستند العلماء في وضع تلك المعاير على القرآن الكريم والسنة وإجماع الفقهاء الأربعة والقياس والعرف والفتاوى الشرعية، وعدد المعاير الشرعية وصل حتى عام 2017 م (58) معياراً كلها تدور في صناعة الهندسة المالية الإسلامية، ويتم صياغة المعيار كالآتي: تقديم وتعريف للمعيار وتعريف نطاقه الذي يعمل من خلاله، ثم يبين مشروعية الأداة المالية التي سوف يشرحها المعيار، ثم يبين الشروط التي تحكم المعاملة المالية، وطريقة العمل بها من خلال تطبيقه في المؤسسات المالية الإسلامية، ثم يبين المعيار المستندات الشرعية التي استند إليها المعيار، ثم تعريف المصطلحات التي تناولها المعيار حتى تضتح الصورة تماماً في استخدام المعيار.
وتناولت المعايير الشرعية تقريباً كل المعاملات المالية التي تدور الآن في الساحة الإقتصادية المالية المحلية والعالمية والمسائل التي تناولتها تعتبر أدوات إدارة المال في المجتمع سواء من قبل المؤسسات المالية أو من قبل الأفراد وتشمل تلك المعاير: معيار المتاجرة في العملات، ومعيار بطاقة الحسم وبطافة الإئتمان، ومعيار المدين المماطل، ومعيار المقاصة، و معيار الضمانات، و معيار تحول البنك التقليدي إلى مصرف إسلامي،و معيار الحوالة، و معيار المرابجة، و معيار الإجارة والإجارة المنتهية بالتمليك، و معيار السلم والسلم الموازي،و معيار الاستصناع والاستصناع الموازي، و معيار الشركة(المشاركة) والشركات الحديثة، معيار المضاربة، معيار الاعتمادات المستندية،و معيار الجعالة،و معيار الأوراق التجارية، و معيار صكوك الاستثمار، و معيار القبض،و معيار بيوع السلع في الأسواق المنظمة،و معيار الأوراق المالية (الأسهم والسندات)،و معيار عقود الامتياز، و معيار الوكالة وتصرف الفضولي،و معيار التمويل المصرفي المجمع،و معيار الجمع بين العقود،و معيار التأميم الإسلامي، و معيار المؤشرات،و معيار الخدمات المصرفية في المصارف الإسلامية،و معيار ضوابط الفتوي وأخلاقياتها في إطار المؤسسات(المنظمة)،و معيار التورق،و معيار ضابط الغرر المفسد للمعاملات المالية،و معيار التحكيم،و معيار الوقف،و معيار إجارة الأشخاص،و معيار الزكاة،و معيار العوراض الطارئة على الإلتزمات،و معيار الإتفاقية الإئتمانية،و معيار التعاملات المالية بالإنترنيت،و معيار الرهن وتطبيقاته المعاصرة،و معيار توزيع الربح في الحسابات الاستثمارية على أساس المضاربة،و معايير التأمين،و معيار إعادة التأمين الإسلامي،و معيار الحقوق المالية والتصرف فيها،و معيار الإفلاس،و معيار السيولة تحصيلها وتوظيفها،و معيار حماية رأس المال والاستثمارات،و معيار الوكالة بالاستثمار،و معيار ضوابط حساب ربح المعاملات،و معيار خيارات الأمانة،و معيار الوعد والمواعد،و معيار المساقاة،و معيارخيارات السلامة، و معيار خيارات التروي،و معيار العربون،و معيار فسخ العقود بالشرط،و معيار المسابقات والجوائز،و معيار ضمان مدير الاستثمار،و معيار الذهب وضوابط العامل به،و معيار إعادة الشراء.
في رأيي تلك المعاير قد غطت جميع التعاملات المالية التي تدور الآن في الساحة المالية والاقتصادية، وأهم ما يميز تلك المعايير أنها تعمل على حفظ رأس المال وضمانه بكل السبل المشروعة،و الدخول في المعاملات المالية لا يتم إلا بوضع شروط متفق عليها بين الطرفين ولا يجوز تجاوزها، والعمليات الاستثمارية لا تتم إلا بعد دراستها والتأكد منها ومن فائدتها المالية والاجتماعية،و لا يتم دفع المال إلا لمن يستوثق من أمانته ونزاهته وإتقانه لعمله،و المال مقدس لا يجب أن يهدر في غير محله وله حقوق وواجبات يجب الالتزام بها،و تمنع المضاربات بالمال، وأخيراً فإن المال ليس في أيدي المسلمين فقط بل يملكه المسلم وغير المسلم، لذلك هذه الأدوات المالية ليست حكراً على المسلمين فيمكن لغير المسلمين التعامل بها لأنها تقوم على شروط واضحة، فمن التزم بها يكون قد حقق مقاصد المال.أما الفوائد من التعامل بتلك الأدوات في إدارة المال في المجتمع فهي تمنع التعامل بالربا وهذا أهم شئ عملت تلك الأدوات على إقصائه من المعاملات المالية في المجتمع، وتحقق أهم مقصد قرآني ” وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا” ، وتعمل تلك الأدوات على توازن المال في المجتمع وذلك بنقل المال ممن يمتلكونه ولا يستطيعون استثماره إلى الذين لهم الخبرة في التجارة ولا يجدون ما يتاجرون به،كذلك تعمل علي إيجاد فرص عمل للشباب متجددة بتجدد المعاملات المالية مما يؤدي لتخفيف حدة البطالة، وأهم مؤسسات تقوم بإدارة المال هي المؤسسات المالية بما فيها المصارف الإسلامية لأن لديها الكوادر المؤهلة لعمل دراسات الجدوي والخبرة في المعاملات المالية، وأهم فائدة كذلك أنها تجعل كل فئات المجتمع تعمل وتفتح أسواق للمنتجات الجديد،و بينت تلك الأدوات أن للمال تعاملات متعددة وليس تعامل واحد عن طريق القرض،كذلك بينت أن المال لا يربح إلا بالتنضيض الحقيقي عن طريق تحقيق أرباح من خلال المعاملة المالية أو عن طريق التنضيض الحكمي عن طريق تقييم البضاعة بأسعار السوق السائدة،و تمنع تلك الأدوات المالية الغرر والغش والتدليس وتضع له الأحكام الرادعة.وإن شاء الله سوف يتم في المقالات المقبلة تفصيل وشرح كل أداة وكيفية التعامل بها وما هي المعاملات التي يمكن أن تتم بها بإذن الله.