تحدثنا في المقال السابق عن العقود النفسية وكونها ” قيم مدركة في أذهان أصحابها” وعن دورها في النجاح الوظيفي، كذلك أهم ما يميز هذه العقود. و قد تتأثر العقود النفسية بالجوانب القانونية أو الامتيازات العينية أو الجوانب المادية في علاقة الموظف مع المنظمة. لكن أحد الأبعاد المهمة أيضاً في العقود النفسية هى “الصورة الذهنية”.
من المتوقع لمتحدث اللغة العربية في الدول المسلمة غير العربية أن يحظي بنوع من التقدير خاصةً لأنه يتحدث ب “لغة القران”. فبمجرد دخولك إلي المسجد للصلاة سوف يقدمك المصلون للإمامة لأنك تتحدث العربية. وقد تجد أحدهم يخفض رأسه في السلام عليك أو يقبل يدك احتراماً وتوقيراً لأنك فقط من متحدثي اللغة العربية. فبالبطبع تزداد مكانتك اذا كنت “معلم للغة العربية أو القران” حيث تعد من أهم الوظائف التي يعمل بها العرب في ماليزيا.
هذه الصورة الذهنية التي يرسمها المجتمع لمتحدث اللغة العربية عامة ومعلم اللغة العربية خاصةً، تمثل أحد جوانب العقد النفسي لدي معلمي اللغة العربية والتربية الإسلامية في المدارس الماليزية. فيتوقع المعلم في بداية عملة في المدرسة أنه سيحظي بنفس الاحترام في العمل داخل المؤسسة وأن رأيه وكفاءته سيكونان محل تقدير واحترام. لكن الحقيقة قد تختلف قليلاً. فالعمل داخل المنظمات له محددات أخري ويتأثر بالعديد من الصراعات والتي تخالف هذه الصورة. فالتوقير داخل المؤسسة لن يتأثر بكونك “عربي”، بل قد يكون الاختلاف في اللغة والعادات والتقاليد وربما بعض الآراء الدينية مؤثر قوي علي أدائك وتقييمك داخل المؤسسة، حتي وإن كنت ذو كفاءة في تدريس العربية. وقد يصل الأمر إلي أن البعض قد يشعر “بالرفض الاجتماعي” داخل المدرسة التي يعمل بها ويؤثر ذلك علي نجاحه الوظيفي. هنا يشعر المعلم أن إدارة المدرسة انتهكت “الصورة الذهنية” في المحتمع فيتأثر رضاه عن الوظيفة. أما من يمتلك “التكييف الثقافي” فقد يختلف في هذه الحالة، لأنه سيسعي إلي إعادة ضبط “عقدة النفسي” والفصل بين الصورة الذهنية خارج العمل ومحددات النجاح الوظيفي في المؤسسات.