محمد عبد العزيز يكشف أسباب تصدر 20 دولة عالمياً مؤشر تقزيم تداعيات كورونا

on 14 July 2020, 09:28 PM

15 محدد لنجاح الدول العشرين في تقويض وباء كوفيد 19 ثلاثة منها في المنطقة العربية

أ. محمد عبد العزيز

بقلم : محمد عبد العزيز – مدير عام مركز لندن للبحوث 

في بحث علمي محكم نشر على هيئة تقرير في صحيفة الكويتية  للباحث محمد عبد العزيز مدير عام مركز لندن للبحوث والاستشارات  جاء في مقدمته :  تعاملت بعض الدول باحترافية شديدة في مواجهة انتشار وباء كوفيد 19 المسبب لمرض كورونا المستجد الذي انطلق من مدينة يوهان الصينية ديسمبر عام 2019 المنقضي ثم ما لبث أن انتشر في كافة بقاع البسيطة ليحصد الاف الأرواح ويصيب الملايين حول العالم  .

وجاءت الاحترافية التي تعاملت بها  عشرون دولة وردت في قائمة البحث  لتؤدي  إلى كبح جماح خطورة المرض  ، وتجلت  في العديد من الإجراءات الصارمة التي اتخذتها تلك الدول ، في حين لم تبدِ دول أخرى جدية في التعامل مع الأزمة ، الأمر الذي جعلها تعيش كارثة صحية باتت معها تستغيث طلباً للعون .

ولخص البحث محددات نجاح تلك الدول في خمسة عشر سبباً ، ذكر منها وجود بنى تحتية صحية قوية موضوعة مسبقاً – الحزم والتبكير بإجراءات الحجر الصحي ، قدرة الإدارة الحكومية على إدارة الأزمة بشكل علمي  فعال وفق خطة زمنية تقدم حياة الإنسان على ما دون سواها من أطماع رجال الاقتصاد – والوازع الإنساني في التعامل مع الجائحة  – اتباع اليات نجاح الخطة الاستراتيجية  ومن أهمها المتابعة والمراقبة  .

وواصلت تلك الدول عوامل النجاح متمثلة في استخدام أحدث تقنيات الكشف عن الإصابات وهنا يبرز دور الملائة المالية للدولة ومدى استعدادها للكوارث والأزمات  وتوافر ذلك في ميزانيتها  السنوية العامة ، ودرجة التأهب للمعالجة الطارئة، وتوفر الاختبارات والمسحات الطبية للمرض بشكل موسع .

وأكد عبد العزيز أن توافر الخدمات اللوجستية في المرافق الصحية للدولة محدد مهم للنجاح  حيث أراح  الأطقم الطبية وآمنها وأراح أيضاً  المصابين – سرعة التنبؤ بالكارثة من خلال علماء تلك الدول واختصاصيها  ، فإسناد الأمر لأهل التخصص في تلك الدول ساعد الحكومات على النجاح في إدارة الأزمة وبالتالي كانت القرارات الصائبة  التي اتخذت في حينها مثل تنفيذ التباعد الاجتماعي في شكله الصحيح  و إغلاق الحدود  ( ورغم ما استتبع ذلك من خسائر اقتصادية كبيرة ، لكن كانت حياة البشر لديهم أكبر ) لما سبق كانت تلك الدول الأكثر حماية للأشخاص من أخطار وباء كورونا ، واتجهت أنظار العالم أجمع باحترام وإكبار لحكومات تلك الدول ، ما جعلنا نقوم بهذا التحليل الراصد لتسليط الضوء على محددات النجاح لتكون نبراساً لبقية دول العالم في التعاطي مع الأزمات والكوارث لحماية الناس وصونها .

 

قبل أن تقرأ ….

هذا التحليل الإحصائي استند إلى لغة الأرقام  حتى تاريخ 7 يوليو 2020 وهي التي تعد كمعيار وحيد وفق نظرة علمية فاحصة متجردة .

آملون أن يكون فيروس كوفيد 19 المسبب لوباء كورونا المستجد يحط رحاله ليرحل عن عالمنا ، بعد أن استنزف تريليونات الدولارات من إجمالي الناتج المحلي في العالم. وفي ظل محاولات كافة دول العالم لبناء استراتيجيات متباينة للتصدي للوباء والسيطرة على تداعياته ، أبدت عشرون دولة حول العالم نجاعة فائقة في هذا المنحى ما جعل العالم يقف احتراماً لهكذا تجربة ثرية ارتكزت على العلم والإنسانية .
وبعد أن هدأ جزء كبير من عاصفة الجائحة – ولا أعني بذلك أن الأمور آلت إلى استقرار تام فتكون دعوة إلى التراخي – لكن أعني أن الاقتصاد تمكن من باقي ثوابت المنظومة المجتمعية ، فعادت معظم دول العالم إلى ممارسة الحياة بشكل جزئي بعد توقف دام عدة أشهر ، وبعد هذه الحالة نستطيع أن نتحدث عن عنوان كبير مفاده التباين .

تباين عالمي ، عنوان كبير لصورة تفشي وباء كورونا المستجد ، التباين يعكس صورة العالم الآن وهي تتحدث عن أربعين دولة من بين 212 دولة ومنطقة في المجرة ، عشرون منها تفوقت على نفسها وتصدرت الدول الأكثر انتصاراً على تفشي الوباء في العالم ، بينما العشرون الثانية تصدرت العالم في تفاقم عدد الإصابات ، في حين تفاوتت في قدرتها على تقويض الأزمة.

لقد تعاملت بعض الدول باحترافية شديدة في مواجهة انتشار الفيروس ، ما أدى إلى كبح خطورته ، وتتجلى هذه الاحترافية في العديد من الإجراءات الصارمة التي اتخذتها بلدان عديدة ، في حين لم تبدِ بعض الدول جدية في التعامل مع الأزمة ، الأمر الذي جعلها تعيش كارثة صحية باتت معها تستغيث طلباً للعون .

ولقد قمنا بعمل تحليل إحصائي أسفر عن الأرقام المرصودة في القوائم المرفقة بهذا التقرير في محاولة بحثية تهدف إلى استنباط عدد من الحقائق ، سعياً لإماطة اللثام عن أسباب منطقية للتباين الحادث بين دول العالم في التعاطي مع وباء كورونا ، ولماذا الحديث متداول بشأن 40 دولة فقط ما بين ارتفاع وانخفاض ، قدرة وعدم قدرة ، انبساط وانقباض ، تقدم وتردي ، دعونا نخوض غمار الأرقام لنتركها تعبر عن الموقف لأنها اللغة التي لا تكذب البتة .

وكما تضرر ملايين البشر حول العالم من انتشار هذا الوباء سواء من أصيب أو من فقد أحد أفراد أسرته ، أو من توقف عن العمل وبالتالي تضررت معيشته ، تضررت أيضاً اقتصاديات الدول ، فكان ذلك إيذانا بضغوط مارستها مجموعات المصالح التجارية في العالم لعودة الحياة تدريجياً مهما حصد ذلك من أرواح وهي أثمن ضريبة يمكن أن تقدم ” حياة البشر ” لكنها سياسة السادة والعبيد التي تعاملت بها بعض الأنظمة في العالم مع شعوبها ، الأمر الذي عكس فشلها في التعاطي مع الوباء ، في حين نجحت تلك الدول التي تعاملت باحترام للإنسان وتقدير حياته ، نجحت في تقويض الأزمة .

تعالوا نكشف في نقاط محددة أبرز ما عكسته أرقام القوائم الإحصائية المرفقة لنتحدث منها :-
حددت القائمة الأولى 20 دولة تصدرت دول العالم في ارتفاع نسب الشفاء نذكر منها أول خمسة دول ويمكنكم متابعة القائمة التي بدأت بدول ( ماليزيا – قطر – فنلنده – الدانمارك – ايرلندا – الصين) واختتمت ( بالبحرين والكويت وإيطاليا ) لنتعرف على أسرار نجاح هذه القائمة العشرينية في كبح جماح الوباء وارتفاع نسب الشفاء منه .

وجدت هذه الدول أفضل السبل لشعوبها للحماية من فيروس كورونا المستجد، فأضحت هي الأكثر آمنا بالنسبة للأشخاص المصابين بكورنا أو غيرهم من الأصحاء الذين يمكن أن يتعرضوا للإصابة جراء المخالطة ، بعد أن اعتمدت على محددات للنجاة ، وتحتاج كل دولة من تلك الواردة في القائمة إلى كتاب بمفرده يشرح آليات نجاحها لتمثل القدوة لغيرها من بقية دول العالم ، لكن سنعرج على بعضها لنتعرف على أسباب ومحددات نجاحها في تقويض الأزمة .

نجحت تلك الدول في إدارة أزمة انتشار وباء كورونا بصورة فاعلة منذ اندلاعها ، فتبنت إجراءات صارمة منذ اللحظة الأولى ، ورفعت مستوى خطورة الوباء فلم تقع في التهوين ولا التهويل فتمكنت من حماية شعوبها ، فضلا عن فرض عقوبات صارمة بحق المخالفين للإجراءات والتدابير الحكومية لمواجهة الوباء، بالإضافة إلى التواصل الصادق المباشر من كبار المسؤولين مع شعوبهم لتهدئة مخاوفهم ووضع خارطة طريق للخروج من الأزمة، إضافة إلى تكليف علماء النفس والاختصاصيين الاجتماعيين لمعالجة الآثار النفسية الناجمة عن الأزمة .

الناجحون

نجحت ماليزيا وقطر وفنلندة والدانمارك وايران والصين وسنغافورة وتركيا والنمسا والنرويج والكويت واليابان وأستراليا وغيرها من الدول الواردة في القائمة الأولى ودول مثل المانياونيوزيلاندا وأيسلندا وتايوان وسريلانكا ( رغم خلو القائمة منها ، لكنها في مرحلة متقدمة أيضاً لو اتسع كادر القائمة إلى 25 دولة لدخلت بقوة في الترتيب ) ، نجحت في احتواء الوباء، والحد من تداعياته الكارثية، وهو ما مثّل نموذجا يمكن أن تحتذى به دول العالم الأخرى ، وخارطة طريق يمكن لها أن تتعلم منه كيف تدار الدول .
وحتى تكون المقارنة على تماس مع العدالة فلابد من الإشارة إلى بعدين الأول قوة اقتصاديات هذه الدول والثاني خبرات بعضها المتراكمة في التعامل مع الأوبئة ، فمثلاً دول مثل سويسرا وألمانيا وقطر والكويت واليابان ذات موازنة مالية قوية مكنتها من التعاطي الإيجابي مع الأزمة عبر البنى التحتية الصحية القوية ، ودول أخرى لديها خبرات سابقة في الكوارث مثل سنغافورة وتجربتها السابقة مع مرض السارس المنتقل إليها عبر الصين في أوائل هذا القرن، فأثر سلبا على حياة الكثيرين داخل البلاد فاستفادت من خبرتها السابقة، وهو الأمر الذى مكنها من استخلاص الدروس، وتطوير آليات ناجحة في التعامل مع الوباء الحالي، فواجهت كورونا منذ اللحظة الأولى بقوة واتخذت خطوات سريعة وواضحة ووضعت قواعد محكمة لمواجهة الفيروس الجديد.

محددات  النجاح

  • أولا : تبنى إجراءات صارمة منذ اللحظة الأولى منذ الإعلان عن المرض في الصين، وقبل انتشاره خارج مدينة ووهان. وتمثلت الخطوة الأولى في إجراء فحوص فورية على المسافرين القادمين من الصين ، منشأ الفيروس ، رغم تأثر  القطاع السياحي في تلك الدول المعتمد على السائحين الصينيين ، فضلا عن لعب رجال الأعمال الصينيين دورا محوريا في اقتصاديات بعض هذه الدول عبر الشركات الصينية العظيمة  عابرة القارات والخبرات الصينية العاملة في تلك الدول .

  

  • ثانياً : لجأت تلك الدول إلى التنفيذ الدقيق للتباعد الاجتماعي ، والتتبع الدقيق لمسار كل شخص التقى بأشخاص محتمل إصابتهم بالفيروس، وإصدار أوامر لأصحاب العمل بإعطاء إجازات للموظفين المشتبه في إصابتهم، فضلا عن إعفاء العاملين من الحضور لأماكن العمل.

  

  • ثالثاً : لجأت تلك الدول إلى القرارات الحاسمة مهما كانت تداعياتها ففرضت إجراءات الحجر الصحي المشددة في مواجهة من تتأكد إصابتهم ويتمثل ذلك في حظر خروج الأفراد من بيوتهم ، مع الاعتماد على توصيل الطعام إلى أبواب منازلهم، وهنا نسوق مثالً فلجأت  رئيسة الوزراء الفنلندية سانا مارين إلى عزل  هلسنكي ومنطقتها عن سائر أنحاء البلاد لمنع تفشي  الوباء ، وحظرت الدخول والخروج من منطقة العاصمة ، رغم أن المنطقة المشمولة بقرار العزل هي مقاطعة أوسيما التي يقطنها حوالى 1,7 مليون نسمة، أي حوالى ثلث سكان البلاد ، لكنها القوة في القرار من دون  تردد . الغريب أنها لجأت إلى ذلك في حين أن عدد المصابين بالوباء في هذه المقاطعة أكثر من 500 شخص من أصل 880 مصاباً في البلاد بأسرها – إبان اتخاذها ذلك القرار – ، في حين ارتعشت أياد حكومات دول كبيرة  أخرى في اتخاذ مثل هذه القرارات رغم وجود الاف الإصابات بها .

  

  • رابعاً : لجأت تلك الدول إلى تقديم خارطة طريق واضحة المعالم للمستقبل القريب في ظل الأزمة، واتسم خطابه بالواقعية، حيث أكد على توقعه بوقوع المزيد من الخسائر الاقتصادية. وفى المقابل تم تحديد الإجراءات الاقتصادية التي تتخذها الدولة لمواجهة التداعيات، وتم توضيح الاستراتيجيات التي تتبعها الحكومة لتوفير الأغذية، وآليات إدارة الأمن الغذائي.

  

  • خامساً : لجأت تلك الدول إلى تخفيف التداعيات النفسية المرتبطة بالأزمة ومثالب الانعزال بالمنزل ومنها إلزام المدرسين بالتواصل مع الطلاب بصورة دورية، خاصة الذين خضعوا للعزل ،  في حين قدم كثير من شخصيات المجتمع المدني  استشارات نفسية مجانية  ودورات تدريبية من خلال الانترنت للمساعدة في تقليل حدة التوتر والخوف المرتبطة بإجراءات الحجر الصحي، أو شعور الهلع الذى انتاب بعض الأفراد خشية الإصابة بالمرض.

  

  • سادساً : لجوء تلك الدول إلى فرض قيود مشددة منذ بداية الأمر ، مع فرض نظام صارم في المستشفيات والحجر الصحي للمرضى المحتملين، ومتابعة الحالة الصحية بشكل مكثف لأي شخص ربما كان على اتصال بهم ، وبعضها لجأ إلى متابعة مواقع الأشخاص الذين يخضعون للحجر الصحي المنزلي عن طريق برامج نصية عبر شبكة الإنترنت.

وليس هذا فحسب بل وصل الأمر إلى توجيه الاتهام لمن يقدم  معلومات خاطئة عن تاريخ سفره  بالإضافة إلى إجراءات عقابية أخرى ، كما استخدمت بعض تلك الدول أدوات الرقابة الأمنية الفعالة في فرض إجراءات تتبع التواصل ، وتطبيق الحجر الصحي المشددين الزم كثير من  أفراد المجتمع بالانصياع للتدابير الحكومية بعد تحديد عقوبات قاسية قابلة للتنفيذ بحق المخالفين، منها الغرامات والحبس، وقد تصل إلى الترحيل. وحتى لو لم تنفذ تلك العقوبات فعليا، فإن التهديد بها في حد ذاته سيحفز المواطنين على الالتزام بها درءً للمخاطر.

  

  • سابعاً : فرضت تلك الدول  قواعد صارمة  مع المواطنين وغير المواطنين ، حيث طبقت  قواعد حاسمة – غير قابلة للاختراق – ما بين الترهيب والترغيب لإحكام إدارتها للأزمة، وفرضت عقوبات أشد على العمالة الوافدة مقارنة بالمواطنين ، وهنا على سبيل المثال قامت حكومة دولة سنغافورة بتقديم  100 دولار يوميا لمن يُتطلب منهم البقاء في الحجر الصحي المشدد، بينما فرضت في الوقت نفسه غرامات تصل إلى 10 آلاف دولار على من يخالف تلك القواعد ،  يتطور إلى الوقف الفوري عن العمل، والترحيل، والحظر الدائم من العمل في سنغافورة. ولتعزيز هذه العقوبات، منعت الحكومة مواطنيها الذين يوظفون العمال الأجانب الذين طالهم العقاب من توظيف الأجانب لمدة عامين على الأقل، مما يمنحهم حافزا أقوى لتطبيق هذه الإجراءات، حتى لا تضرر أعمالهم.

 

  • ثامناً : أدركت تلك الدول أهمية الإعلام في تقدم الدول ونهضتها ودوره الرئيس في إخماد أزماتها أو زيادة إشعالها ، وأسرد عدة أمثله على ذلك منها :-   تحييد  بعض الدول وسائل الإعلام إيماناً منها أن الإعلام هو أحد أضلاع مثلث نهضة الدول وقوتها أو هزلانها وتراجعها جنباً إلى جنب مع منظومتي العدالة والتعليم ، فلجأت تلك الدول إلى  نشر أخبار إيجابية متوازنة حول  شفاء بعض الحالات، وعن نجاح جهود الحكومة في احتواء الفيروس، بينما قامت في المقابل بنشر أخبار عن الأفراد الذين يتعرضون للعقاب جراء اختراقهم للإجراءات المفروضة.

  

 ولجأت بعض تلك الدول مثل فنلندةإلى استثمار التقنيات الحديثة في مجابهة الوباء  عبر الاستعانة بكبار المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي  لنشر المعلومات القائمة على الحقائق الدامغة  ، وهي الدولة الأولى في القارة الأوربية  في مقياس مكافحة المعلومات المضللة وفقاً لمقياس الثقافة الإعلامية البلغاري  open society institute .

 

وفي سياق اهتمام تلك الدول بملف الإعلام وإيمانها بدوره فقد اضطلعت حكوماتها بإدارة  الخطاب الإعلامي الوطني ووضع السياسات العلمية الدقيقة لإدارة ملفات الأزمات ، وكان ذلك من أهم عوامل نجاحها في تقويض أزمة  كورونا  ، فقد حاربت تلك الدول مثالب مواقع التواصل  الاجتماعي كالواتساب والفيس بوك والتويتروانستغرام  ودورها  في بث الشائعات والمعلومات المغلوطة حول  الوباء  ولذلك أسست مراكز إعلامية حكومية ترتبط  مباشرة بالقطاعات الصحية الرسمية في البلاد لاستيفاء المعلومات الصحيحة وعدم ترك المواطن لوسائل إعلام مغرضة تهون أو تهول فتضلل وتزيف وعي الناس  فحظيت المؤتمرات الصحفية الرسمية بملايين المشاهدات  في مختلف وسائل التواصل الإعلامي  ، وللحد من نشر الإشاعات التي قد تقزم إدارة أية أزمات   اتخذت بعض تلك الدول  إجراءات صارمة ضد مروجي الإشاعات.. وفرضت عقوبات ماليه وجنائية ضد أولئك الذين يهددون جهود الدولة لإدارة الأزمة بشكل صحيح.

 

 

  • تاسعاً : قدرة تلك الدول على توفير مخزون المواد الغذائية، والأدوات الطبية الأساسية، من خلال وضع قيود على تداول المواد مثل الأرز والحبوب والأدوية وغيرها. وبالتوازى مع ذلك، منع احتمالات ظهور سوق سوداء ممن يحاولون التربح من وراء الذعر المنتشر لدى الأفراد في تلك المواقف، وذلك من خلال فرض عقوبات قاسية بحق من يحاول مخالفة هذه القواعد.

 

 

  • عاشراً : لجأت تلك الدول إلى التواصل المستمر مع شعوبها وهو من أهم الخطوات التي يجب على الدول تبنيها في إدارة هذه النوعية من الأزمات، خاصة وأنها تتطلب من الأفراد الالتزام بسلوكيات معينة من أجل الحد من تفاقم الأزمة.

 

 

  • حادي عشر : لجأت تلك الدول إلى دعم الفئات الأكثر تضررا، حيث قيامها بتعويض المواطنين الذين تضرروا ماليا جراء البقاء في المنزل، وأصحاب الأعمال التجارية الذين خسروا مبالغ طائلة جراء تفشى الوباء.

 

  • ثاني عشر : وضع  تلك الدول خططا للتعافىفي مرحلة ما بعد الأزمة، فالصين مثلا أعلنت بالفعل عن خطط تقدر بقيمة ترليون دولار لإنعاش اقتصادها. وتعادل أهمية هذا الإجراء أهمية التعامل الفعلي مع الوباء نفسه، حيث يتعين على الحكومات تبنى سياسات واضحة لتحفيز النمو الاقتصادي فور توقف تفشى الوباء.

 

 

  • ثالث عشر : استخدام بعض تلك الدول مثل سنغافورة نظام اكتشاف العدوى المبكرة باستخدام اختبار مصلي جديد طورته كلية الطب Duke-NUS والذي يمكنه من إنشاء روابط بين الحالات المصابة، مما سيسمح للسلطات بتحديد سلسلة الانتقال وبالتالي محاولة السيطرة على انتشاره.

 

 

  • رابع عشر : دعمت حكومات تلك الدول كل من يعمل في الصفوف الأمامية ، وهنا نسوق مثالاً برئيس وزراء ماليزيا  محي الدين ياسين الذي أكد مراراً أن بلاده لم تكن للتعافي لولا  العمل الشاق الذي تقوم به الخطوط الأمامية وتعاون المواطنين والالتزام بالتوجيهات الصادرة  مثل إغلاق الحدود أمام غير المقيمين وحظر كل التجمّعات التي يزيد عدد المشاركين فيها عن 10 أشخاص  وقال أن القدرة الطبية والصحية العامة للبلاد قد وصلت إلى مستوى أكثر إقناعا وأعرب عن امتنانه لأن العمل السريع لخط المواجهة نجح في كبح انتشار الوباء بين السجناء في مراكز الهجرة .

 

 

 

  • خامس عشر : تميزت تلك الدول بالبنى التحتية الصحية القوية ، وهنا نذكر الدول العربية الثلاث الواردة في قائمة تلك الدول وهي على الترتيب قطر والبحرين والكويت ، فالقطاع الصحي بها يضم العديد من وحدات الفرز المُتخصصة في أمراض الجهاز التنفسي، مع تمتعها بأنظمة تهوية مُصممة لمنع إصابة العاملين في مجال الرعاية الصحية بالعدوى.

وقد نفذت تلك الدول عدد كبير جداً من المسحات الطبية لكل من يقيم على أرضها ،  ومن تلك الدول العربية الثلاث نأخذ دولة الكويت  نموذجاً  – وهي  احدى الدول الواردة في قائمة الدول العشرين صاحبة أعلى نسب شفاء بين دول العالم ،  وكانت قد  سجلت أول حالة وفاة بسبب “كورونا” في 4 أبريل الماضي ، بينما سجلت حتى  كتابة هذه السطور ما مجموعه 52 الف إصابة و380  حالة وفاة في حين سجلت 42 الف حالة شفاء ، وأجرت ما يربو من 420 الف مسحة ما يشكل 10% من سكان أراضيها .

  

وبعد أن أتممنا استعرض المحددات الخمسة عشر نؤكد على أن دولة الكويت –كمثال  للدول العشرين  –  قد اتخذت إجراءات وقائية صارمة بعد تسجيل أول حالات الإصابة نهاية فبراير وقت أن كانت تنهي احتفالاتها الوطنية ، ومن إجراءاتها وقف الرحلات الجوية، عدا البضائع، داخل وخارج الكويت اعتباراً من 13 مارس ، فكانت  أول دولة خليجية تقوم بوقف جميع رحلات الركاب وتشددت في ذلك رغم الخسائر الاقتصادية الفادحة .

  

ولجأت مبكراً إلى إغلاق دور العبادة – رغم مرارة ذلك على مواطني ذلك البلد الخليجي الملتزم بأركان الإسلام  ، كما أغلقت  بحزم الأماكن العامة مثل الحدائق والشواطئ، في حين تم فرض حظر التجوال على الصعيد الوطني في 22 مارس. كما قامت الكويت بتعليق العمل والذهاب إلى المدارس والجامعات ، مع تأجيل الموعد المحدد لإعادة فتحها حتى مطلع أغسطس ، وواجه وزير التعليم  استجواباً كان ذلك الأمر أحد محاوره لكنه نجح في تفنيد ذلك وبقي في منصبه   ما يدل على قوة الوزير وسلامة إجراءاته  ،  كما تم إغلاق جميع مؤسسات الدولة ثلاثة أشهر في عنفوان الأزمة .

 كما لجأت  إلى  إعادة استخدام بعض فنادقها الوثيرة كمراكز للحجر الصحي، وتم استخدام أرض المعارض الدولية كمستشفى ميداني ومركز لاختبار وفحص المواطنين  والمقيمين من الوباء.

نجحت الكويت أيضاً في خضم ذلك الزخم  في تعزيز علاقاتها الإقليمية والدولية على الرغم من الاضطراب الكبير الذي  نتج عن الوباء والاضطراب الذي لحق بالتجارة العالمية وسوق السفر غير أنها في منتصف مارس أعلنت عن مساعدات مالية لجيرانها في المنطقة كالعراق وفلسطين وإيران ومصر ، من أجل المساعدة في مواجهة تداعيات “كورونا” في تلك البلدان، كما تبرعت بمبلغ 40 مليون دولار لمنظمة الصحة العالمية لدعم جهودها لمكافحة الوباء .

وفي النهاية تبقى كلمة …

 لقد ضربت  تلك الدول العشرين المثل في اتباع  المنهج الناجع في مواجهة  الكوارث والأزمات من خلال ما لجأت إليه من إجراءات وقائية واحترازية لحماية شعوبها  ، لأنها كانت تتمتع باستراتيجيات صحيحة ومتجذرة منذ سنوات ، ارتكزت على  احترامها للإنسان وتوفير منظومة النجاح لأى مجتمع  وفي مقدمتها  ( بنى تحتية صحية  قوية –  وإعلام حر تتجاوز نسب صدقه وتغليبه مصلحة الأفراد على أي مصالح من دون سواها  حاجز ال80% وهي نسبة مرتفعة جداً بالمقارنة بدول أخرى لا تتخطى فيها تلك النسب عن 5 % من كم المعلومات الصادقة  ، ومعروف أن الترويج بالأخبار المغلوطة الكاذبة وقت الأزمات يؤدي إلى تزييف وعي الناس وبالتالي تفاقم الأزمة مع مرور الوقت .

 

 وفي خطوات استراتيجية سارت في الاتجاه الصحيح، شكلت تلك الدول العشرون الأولى عالمياً في التعاطي مع جائحة كورونا  مرجعية وطنية عليا تفاعلت فيها كل القطاعات وتعاضدت  خلالها كل المؤسسات فأثمر السرعة والحكمة في القرار المنصب في مصلحة الأفراد ، وقد أثبتت فاعليتها وكفاءتها من خلال حزمة الإجراءات الاحترازية وعبر القرارات التي اتخذتها في التعامل مع هذه الجائحة في ظل تشخيص دقيق للواقع الوطني وقراءة فاحصة للمستجدات الدولية في التعامل مع هذه الجائحة.

مؤشرات رقمية مهمة مستقاة  من القوائم الإحصائية

 وفيما يأتي نقف عند أبرز المؤشرات العامة التي تم رصدها من خلال تلك القوائم المرفقة  كاستنتاجات جوهرية حملت مفارقات عجيبة بعضها جاء بعيداً عن لغة المنطق :-

 

  1. دولتان فقط سجلتا 4.5 مليون إصابة ” الولايات المتحدة والبرازيل”
  2. دولتان هيمنتا على مليون و300 الف إصابة ” روسيا والهند “
  3. احدى عشرة دولة سجلت 3 مليون إصابة هي على الترتيب ” إسبانيا – بيرو – تشيلي – بريطانيا – المكسيك – إيطاليا – ايران – باكستان – تركيا – السعودية – المانيا ” ، في حين سجلت  197 دولة  ومنطقة حول العالم  مليونا إصابة .
  4. تفاوت شديد بين دول العالم فيما يتعلق بالوفيات رصدت على النحو التالي :-

تصدرت دولتا الإصابات الأكثر حول العالم قائمة الوفيات الأعلى أيضاً الولايات المتحدة 132 الف وفاة – البرازيل 64 الف  بنسبة 37% من وفيات العالم كله بسبب الوباء .

 اثنان وعشرون دولة سجلت 300 الف حالة وفاة هي على  الترتيب :-  ” بريطانيا 45 الف  – إيطاليا – المكسيك – فرنسا – إسبانيا – الهند – ايران  – روسيا – بيرو – بلجيكا – كندا – المانيا – تشيلي – هولندا – السويد – الصين – الأكوادور – تركيا -باكستان – مصر – إندونيسيا – السعودية الفي وفاة ” ، في حين سجلت 152  دولة  قرابة 30 الف حالة وفاة ، بينما  لم تسجل 37 دولة حول العالم اية حالات وفاة .

مؤشرات إيجابية

• أعلى خمس دول عربية من حيث نسب شفاء على الترتيب ( قطر – البحرين – الكويت – الإمارات – الجزائر )

• أقل خمس دول من حيث نسب الوفيات في الدول العربية هي على الترتيب ( قطر – البحرين -سلطنة عمان – الإمارات )

• دولتا تونس والأردن تمكنتا من السيطرة مبكراً ونجحا في بلوغ الف حالة تعافت من إجمالي 1200 مصاب بنسبة 83ً%

• ثلاثة دول عربية وردت في قائمة أفضل 20 دولة عالمياً من حيث نسب الشفاء هي على الترتيب ( قطر – البحرين – الكويت )

• جهود الصين في احتواء الفيروس كانت وراء ارتقائها للمراتب على حساب دول عظمى أخرى .

• أول خمس دول عربية في محدد نسب الشفاء هي على الترتيب :- ( قطر – تونس – البحرين – الكويت – الجزائر )

• أول خمس دول عربية في محدد تحجيم نسب الوفيات هي على الترتيب :- ( قطر – البحرين – فلسطين – عُمان – الإمارات )

مؤشرات سلبية

• أكثر الدول العربية من حيث عدد الإصابات على الترتيب ( السعودية – قطر – مصر – العراق – الإمارات – الكويت – سلطنة عمان – البحرين – الجزائر – المغرب )

• أكثر الدول العربية من حيث عدد الوفيات هي على الترتيب ( مصر – العراق – السعودية – الجزائر – السودان – الكويت – اليمن – الأمارات – المغرب – سلطنة عمان )

• أسوأ خمس دول عربية من حيث تدارك نسب الشفاء هي ( مصر – العراق – سلطنة عمان – السعودية – المغرب )

• ثلاث دول عربية وردت في قائمة أعلى 25 دولة على مستوى العالم من حيث الإصابات هي على الترتيب ( السعودية 13 عالمياً – قطر 21 عالمياً – مصر24 عالمياً )

• جاء غياب دول عظمى مثل اميركا والدول الأوربية الخمس الكبرى عن قائمة أفضل 20 دولة مقاومة للوباء ، ليشكل مفاجأة ، نظراً لسمعة هذه الدول الكبيرة في مجال البنى التحتية والأبحاث العلمية والهياكل الصحية وغيرها من عوامل الاستعداد اللوجستي المعروفة.

• الزيادة الضخمة في عدد الوفيات في الولايات المتحدة وأوروبا أمر في غاية الأهمية ، ويحتاج إلى دراسة متعمقة لمعرفة العوامل المشتركة ، خاصة الولايات المتحدة والدول الأوروبية الكبرى فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا ، لاسيما في ظل ضبابية الموقف بشأن العوامل التي تسببت في زيادة عدد الوفيات في تلك الدول – إضافة إلى البرازيل والهند وروسيا بالطبع ، وما اذا كان يعزى إلى مستوى إجراءات الوقاية أم في توفر الإمكانات الطبية ؟ أم ثقافة ووعي السكان ؟ أم في مستوى الدخل والتقدم ومعدل العمر ؟ أم في النواحي البيولوجية أم….؟ ولماذا كانت معدلات الوفاة في دول شرق أوروبا أقل بكثير منها في دول غرب أوروبا الأعلى دخلاً والأكثر تقدماً ؟

• أخر خمس دول عربية في محدد نسب الشفاء هي على الترتيب :- ( فلسطين – مصر – ليبيا – اليمن – السودان )

• أخر خمس دول عربية في محدد تحجيم نسب الوفيات هي على الترتيب :- ( السودان – الجزائر – اليمن – تونس – مصر )