البطولات في مواجهة التُّرَّهات

on 15 April 2022, 08:23 AM
د.محمد الزبن
د.محمد الزبن

تحت أشعة الشمس يذوب الجليد الذي كان يتباها بنصاعة وجهه، وما يلبث أن تتغير أوصافه وتتحور مقاماته، فبعد أن كان على رؤوس الجبال شامخاً جامداً، إذ به يسيل مع الأودية حيث سالت، ولا يمكنه أن يدافع عن نفسه أمام نقيق الضفادع، وقد يتغير منه اللون إلى الأخضر وقد يستقر به المطاف في أحد المستنقعات الضحلة.

من درس الجليد نفتح صفحة ونقلب أخرى، لنتعلم في مدرسة الحياة، أن النضارة والنصاعة يحتاجان إلى بيئة صلبة، وأن القلب في أحشاء الجليد إذا لم يكن قوياً فسيذوب مع الشمس الحارقة.

وأما نحن الذين نعيش حياة الذوبان مع كل نعيق ونهيق ونقيق، فلن نجني سوى الطحالب وشيء من زبد السيل، لأن القوي يفرق بين شمس الحرية التي تجدد الأنفاس وتبعث الأرواح من رقدتها، وشمس الخريف التي تعصف بالمبادئ والقيم، ولا يهدأ لها بال حتى تعري الأشجار من أوراقها، وتنزع المشاعر من جذورها، تماماً كالأعاصير التي تأتينا من هناك أو هناك، بتقليعات تقلع كل الهناء من هنا.

والسؤال الذي يتبادر مع نسيم الصباح، أمة عظيمة كأمة الإسلام والعروبة.. متى ستأخذ مكانتها فوق رؤوس الجبال؟ وبكل نقاء وشفافية وجمود على الحق؟ أم أننا ذقنا الهوان فاستطاب عيشنا في ترهات لا تسر الصديق وتهوي بنا في مهاوي الردى؟
وبعد…
فإن هذه السؤالات المشروعة رميناها في غياهب الجب، ولم تلتقطها السيارة ولا الطيارة، فقد اكتفينا بشراب الأندرينا وما هو أشد أحياناً ، ودارت كؤوس الترهات حول الرؤوس، وحان القطاف ودعاة نبذ العفاف على الأبواب، يطرقون كل شيء ويطوقون كل شيء، فأين أم الأبطال التي أصبحت عقيماً؟ وأين دعاة الخير؟ أم أنهم ما زالوا يخوضون غمار الجدال والنزاع في كل شيء.

عبادالله..
الغرب لم يزرع فينا حب أكل المال الحرام، والصهيونية لم تجبر أحداً على أن يطلق زوجته لأمور تافهة، والماسونية لم تدخل عقولنا وتمنع عنها قراءة القرآن الكريم، والمعادون للإنسانية لم يأمروا الجار يزعزع نوم جاره ولا الزميل يضع أزميلاً وأسفينا لزميله، والمنادون بالحريات لم يرسلوا إلينا بالقيود فنقيد بها عقولنا، كما أن هوليود لم تمنعنا من رؤية الواقع المرير…. .
نعم، كل ما ورد بعاليه له دور في صناعة الوهم، حتى ربطونا من غير وتد، وأغرقونا من غير ماء، وسلكوا بنا دروب الخوف من غير أقدام، إنه الوهم الذي لن يواجهه سوى اليقين برب العالمين، والاهتداء بدلالة وهدي سيد المرسلين -صلى الله عليه وسلم-، ومن غير هدى فلا هداية، ومن غير تعاون لا يوجد راية، ومن غير بطولات فلن تكون هناك رواية.

انتهى.
وجزى الله خيراً من كتب ومن قرأ ومن نشر.