مشاكل البيئة العربية: التحديات والمعالجات

on 04 July 2020, 08:00 AM
د. عبد الملك الدناني
د. عبد الملك الدناني

يطلق لفظ البيئة على الظروف والعوامل الخارجية التي تعيش فيها الكائنات الحية وتؤثر في العمليات الحيوية التي تقوم بها، والنظام البيئي أية مساحة من الطبيعة وما تحويه من كائنات ومواد حية في تفاعلها مع بعضها البعض ومع الظروف البيئية وما تولده من تبادل بين الأجزاء الحية وغير الحية، ومنها النظم البيئية، الغابة والنهر والبحيرة والبحر، والكائنات الحية التي يتكون منها المجتمع البيئي، وكذلك عناصر البيئة غير الحية كتركيب التربة، الرياح، طول النهار، الرطوبة، التلوث، وغير ذلك من العوامل البيئية الأخرى، والإنسان مكون للنظام البيئي نظراً لتطوره الفكري والنفسي، ودوره الملموس على النظام البيئي وعلى حسن تصرفه تتوقف المحافظة على النظام البيئي وعدم استنزافه.

وتحتل البيئة ومشاكلها والمحافظة عليها مكانة بارزة في العديد من الاتفاقيات الدولية المختلفة، بل أصبحت الأمم المتحدة إحدى الجهات الدولية التي تتبني هذه المهمة الإنسانة على مستوي دول العالم. ومؤخراً توقعت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة بأن يكون العقد الجاري الأشد حرارة في التاريخ، ومع ذلك لا تولى الدول العربية الاهتمام المطلوب لتنظم الإدارة البيئية وبما يتصل بحمايتها وحماية مواردها.

وتعّد مشاكل البيئة من أهم القضايا المطروحة للتداول على المستويين الدولي والعربي، ويعود ذلك إلى ازدياد تفاقم مستوى التدهور البيئي نتيجة سوء تصرف الإنسان مع البيئة واعتداءاته العمدية والغير العمدية المتزايدة عليها في دول العالم، بل أصبح جليا للمجتمعات أثر تلك الاعتداءات على البيئة، وذلك بسبب الانتهاكات الخطيرة على عناصر البيئة وكذلك المحيطة به من ماء وهواء، غذاء، تربة، وذلك نتيجة استخدام الآلات والأدوات الحديثة وأسلحة الحرب المدمرة على نطاق واسع، مما أدى إلى تدخل الباحثين لضرورة البحث عن السبل والآليات الكفيلة بحماية البيئة والتقليل من آثار الأضرار على أقل تقدير، وقد أصبحت مشاكل البيئة تحتل  أهمية كبيرة على كافة المستويات وأصبح يهدد الجماعة الوطنية وحقوقها الخاصة بالبيئة التي يعيش فيها والتي ينتج عنه العديد من الأخطار والكوارث، وأصبح هذا الموضوع يفرض نفسه على الساحة العربية والدولية ومع بروز الإحساس بخطورة ظاهرة التلوث البيئي والآثار المترتبة عليها، حيث لفتت انتباه المفكرين والعلماء وحتى عامة الناس على المستوى العربي، التي أصبحت تسعى لحماية البيئة كقيمة وظاهرة اجتماعية تستحق الحماية نظراً لأهميتها على الفرد والمجتمع.

وهناك العديد من المشاكل البيئية التي تواجه دول العالم، وضمنها الدول العربية في ظل المتغيرات والتطورات التي تحصل في دول العالم منها، أثر التصنيع والتكنولوجيا الحديثة على البيئة، حيث إن للتصنيع والتكنولوجيا الحديثة آثاراً سيئة في البيئة، فانطلاق الأبخرة والغازات وإلقاء النفايات أدى إلى اضطراب السلاسل الغذائية، وانعكس ذلك على الإنسان الذي أفسدت الصناعة بيئته وجعلتها في بعض الأحيان غير ملائمة لحياته، ويتضح ذلك من خلال تلويث المحيط المائي، حيث إن للنظم البيئية المائية علاقات مباشرة وغير مباشرة بحياة الإنسان، فمياهها التي تتبخر تسقط في شكل أمطار ضرورية للحياة على اليابسة، ومدخراتها من المادة الحية النباتية والحيوانية تعتبر مدخرات غذائية للإنسانية جمعاء في المستقبل، كما أن ثرواتها المعدنية ذات أهمية بالغة.

وتتعدد مصادر تلوث الجو، ويمكن القول بأنها تشمل المصانع ووسائل النقل والانفجارات الذرية والفضلات المشعة، وهذه المصادر تزداد أعدادها يوماً بعد يوم، ومن أمثلتها الكلور، أول ثاني أكسيد الكربون، ثاني أكسيد الكبريت، أكسيد النيتروجين، أملاح الحديد والزنك والرصاص وبعض المركبات العضوية والعناصر المشعة. وإذا زادت نسبة هذه الملوثات عن حد معين في الجو أصبح لها تأثيرات واضحة على الإنسان وعلى كائنات البيئة، فضلاً عن تتلوث التربة نتيجة استعمال المبيدات المتنوعة والأسمدة وإلقاء الفضلات الصناعية، وينعكس ذلك على الكائنات الحية في التربة، وبالتالي على خصوبتها وعلى النبات والحيوان، مما ينعكس أثره على الإنسان في نهاية المطاف. وهناك مشاكل بيئية متعددة تواجه الدول العربية في ظل المتغيرات العالمية والعوامل الأخرى التي لا يتسع المجال لذكرها في هذا المقال.

ولمواجهات مشاكل البيئة وتحدياتها في الدول العربية يتطلب الأمر تطبيق التشريعات والقوانين التي تجرم الأفعال التي تعود بالضرر على البيئة مهما كان الفعل هين في نظر الأشخاص مع تشديد العقوبات على التجاوزات التي ترتكب بحق البيئة، وإتباع سياسة إجرائية وقائية وردعية مناسبة تتلاءم مع الظواهر الخطيرة التي باتت تنتشر في المجال البيئي، بعّدها من الجرائم الخطيرة التي تمس سلامة الإنسان والمجتمعات الإنسانية بصفة عامة، مع ضرورة تظافر الجهود المبذولة لحمايتها بين المواطن من جهة والجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني والهيئات العربية والدولية المهتمة بحماية البيئة، من أجل الحد من انتشار المخالفات البيئية.